إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

107 ـ البحتريّ (204 ـ 284) = (821 ـ 898م)

الوليد بن عُبيد الله بن يحيى بن عبيد الطّائي، أبو عبادة البحتري. من أعلام الشعراء في القرن الثالث الهجري. ينتهي نسبه إلى بُحْتُر، أحد أجداده من قبيلة طئ وإليه نُسب. ولد بمَنْبج (بالقرب من حلب في شمالي سورية)، وفيها نشأ نشأة عربية. اتصل بأبي تمام في حِمْص، فأثنى أبو تمام على شاعريته. ثم رحل إلى العرق ومدح بعض الوزراء والقادة والأمراء، واتصل بجماعة من الخلفاء، أولهم المتوكل العَبّاسي. وشهد مقتله فحزن وعاد إلى الشام، ومنها اتجه إلى المدائن. وبراعة البحتري في الوصف، هي التي دفعته لوصف إيوان كسرى بقصيدة رائعة

عُرفت بالسينية، يقول مطلعها:

صُنْتُ نفسي عمّا يدنّس نفسي

وترفَّعت عن جَدا كلّ جِبْسِ

وُصِف شعره بأنه (سلاسل الذهب)، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، وهم: المُتًنًبّي، وأبو تًمّام، والبُحْتري. قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال : المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعر البحتري. ويجمع النقاد علي أن البحتري مطبوع على الشعر، مولع بالجمال واسع الخيال، تقرأ شعره فتشعر كأنه ينساب من ينبوع قلبه، وأنه لا يتكلف أي عنصر من عناصره. كما يمتاز شعره بوضوح التراكيب، ورونق الدّيباجة، وسهولة المعنى، وحلاوة الموسيقى وانسجامها مع العواطف والمعاني. يحمل شعره عاطفة دينية لا تخفى، كما تظهر فيه عاطفة حب الوطن والتعصب لطيِّئ، وتمجيد حضارة الفرس. أبدع في تصوير الألوان والأصوات والمشمومات الملموسات. جمع ثروة طائلة، أنفق جزءاً منها علي مسرات حياته، وكان شديد الغرور بنفسه وشعره، على الرغم من سماحة خُلُقه. من أبياته السيّارة:

دنوتَ تواضعاً وعلوت مجداُ

فَشْأنَاك انخفاض وارتفــاعُ

كذاكَ الشّمسُ تبعدُ أن تُسامى

ويَدْنُو الضَّوءُ منها والشَّعاعُ

وكذلك من أشهر قصائده وصفه لفصل الربيع :

أتاكَ الربيعُ الطلق يختالُ ضاحكا

من الحُسن حتّى كاد أن يتكلما

وقد نبّه النيروزُ في غلسِ الدُّجى

أوائلَ وردٍ كُنّ بالأمس نُوّمـا

يُفَتّقـها بَرْدُ النــدى فكأنــّه

يبث حديثْا كـان أمس مكتّما

له ديوان شعر مطبوع، وكتاب "الحماسة" على غرار حماسة أبى تمام . توفى البحتري بمدينة منبج.